ما مقدار النمو الذي يمكن أن يحققه قطاع رأس المال الجريء في المملكة العربية السعودية بحلول العام 2025؟

الملخص التنفيذي

تشهد استثمارات رأس المال الجريء نمواً سريعاً في المملكة العربية السعودية ومن المحتمل أن يتضاعف حجم رؤوس الأموال المستثمرة عشر أضعاف لترتفع من 50 مليون دولار أمريكي في العام 2018 إلى 500 مليون دولار أمريكي في العام 2025. ومن شأن تحقيق هذا النمو أن يؤدي إلى ضخ استثمارات تبلغ إجمالاً ملياري دولار أمريكي خلال الفترة بين العامين 2019 و2025. وتشير تقديرات شركة "STV" إلى أن 350 مليون دولار من إجمالي تلك الاستثمارات ستستهدف المشاريع في مراحلها المبكرة، في حين سيتم استثمار باقي الأموال في مختلف مراحل منظومة الاستثمار، بدايةً من الاستثمار في جولة التمويل الأولى حتى الاستثمار في المراحل المتأخرة من المشاريع.

ومن المنتظر أن يؤدي وصول حجم الاستثمارات السنوية المجمعة لرأس المال الجريء إلى 500 مليون دولار أمريكي إلى الارتقاء بالمملكة العربية السعودية إلى مصاف الدول التي كان لهذا القطاع دور محوري في اقتصادها – مثل فرنسا وكوريا الجنوبية والإمارات العربية المتحدة التي تمثل الاستثمارات السنوية لرأس المال الجريء بها 0,1% من إجمالي الناتج المحلي لها. ويمثل وصول تلك الاستثمارات إلى 500 مليون دولار أمريكي بحلول العام 2025 نموًا سنويًا بمعدل 40% خلال السنوات السبع القادمة – وهو مسار سبق لدول أخرى تحقيقه وتستطيع المملكة العربية السعودية تحقيقه أيضًا في ظل رؤيتها الطموحة وتطلعاتها المستقبلية.

علاوةً على ذلك، فإن مكانة المملكة باعتبارها قوة اقتصادية إقليمية تمنحها فرصة كبيرة للاستحواذ على حصتها العادلة من استثمارات رأس المال الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالنظر إلى إجمالي الناتج المحلي لها. ولذلك، كان من المفترض أن يصل حجم تلك الاستثمارات إلى 235 مليون دولار أمريكي في العام 2018، على افتراض استحواذ المملكة على 35% من رؤوس الأموال المستثمرة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وفقًا لنسبة مساهمتها في إجمالي الناتج المحلي للمنطقة.

نحن على يقين أن المملكة أصبحت الآن على أعتاب تحقيق تلك الإمكانات للأسباب التالية:

  1. الطلب الكبير على المنتجات التقنية من الأفراد والشركات والجهات الحكومية
  2. عمليات التخارج الأخيرة التي أثبتت جدوى نموذج رأس المال الجريء في المنطقة، في الوقت الذي عززت فيه الحلول التقنية الناجحة سعودية المنشأ من جاذبية القطاع التقني للكفاءات العالية
  3. دخول المنظومة التقنية وسلسلة القيمة على الخط بوصفهما من عوامل التمكين السريع التي تيسّر تأسيس المشاريع الرقمية
  4. وجود عدد متزايد من حاضنات الأعمال وصناديق رأس المال الجريء مما أسهم في نضج المنظومة
  5. التحسن الكبير في سهولة ممارسة أنشطة الأعمال نتيجة اللوائح التنظيمية الجديدة الملائمة لريادة الأعمال

يمكن دعم نمو المنظومة بإجراء عدد من التغيرات الحيوية، ومن بينها إدخال تعديلات على قانون الشركات السعودي ووضع تشريعات تتيح إنفاذ سندات الدين الناتجة عن استثمارات رأس المال الجريء كما هو الحال في الأسواق الأكثر نضجًا. ومن شأن تنفيذ تلك التغييرات والتعديلات أن يمهد الطريق أمام ضخ الاستثمارات في مرحلة تأسيس الشركات الناشئة وفي المراحل المبكرة لها. كذلك، يظل توافر الكفاءات من المعوقات الأساسية، لكن الشباب السعودي يتمتع بالحماس والرغبة في الدخول إلى المجال التقني وتأسيس المشاريع، هذا إلى جانب إمكانية الوصول إلى مصادر التعليم الافتراضي، لذلك، نتوقع أن تضيق هذه الفجوة في المستقبل القريب.

ورغم هذه التحديات، تمثل الشركات الناشئة في المملكة فرص استثمار جذابة لصناديق رأس المال الجريء، وذلك بفضل اللوائح الحكومية الجديدة ونضج سلسلة القيمة (value chain)، والأهم من ذلك كله، التوسع السريع في تبني التقنيات في السوق. تشهد استثمارات رأس المال الجريء نموًا سريعًا في المملكة العربية السعودية ...

يزدهر قطاع استثمارات رأس المال الجريء في المملكة العربية السعودية في ظل النمو الأخير في النشاط الاستثماري، حيث ارتفعت تلك الاستثمارات من 7 ملايين دولار أمريكي في العام 2015 إلى 50 مليون دولار أمريكي في العام 2018، بحسب البيانات العامة المتاحة. ويمثل هذا نموًا سنويًا مركبًا بمعدل 90% خلال السنوات الثلاث الماضية، وقد استُثمِرَت تلك الأموال في ما يقرب من 90 مشروعًا. ومن المرجح أن هذا الرقم لا يعكس إلا نسبة من الاستثمارات الفعلية، حيث لم يتم الإعلان عن الكثير من الاستثمارات في مرحلة ضخ رأس المال التأسيسي ومرحلة الاستثمارات الأولى في المشاريع.[1]

Picture1.png

... وهناك مجال لتحقيق نمو يصل إلى عشرة أضعاف، بحسب نماذج المقارنة

حلّلت "STV" نسبة استثمارات رأس المال الجريء إلى إجمالي الناتج المحلي الوطني في المملكة لتحديد التأثير الاقتصادي المحتمل للقطاع. وبالنظر إلى مساهمة القطاع بنسبة 0,01% من إجمالي الناتج المحلي في العام 2018، توجد فرصة كبيرة لنموه في المملكة.

على النقيض من ذلك، تصل نسبة مساهمة القطاع إلى 0,1% في المتوسط في دول مثل البرازيل وفرنسا والإمارات العربية المتحدة، التي يلعب رأس المال الجريء دورًا حيويًا في اقتصاداتها. وقد وصلت نسبة مساهمة القطاع في الدول التي يمثل رأس المال الجريء فيها قوة اقتصادية كبيرة إلى 0,4%. أما في الدول التي يلعب فيها رأس المال الجريء دورًا تحوليًا، مثل سنغافورة والصين، فقد بلغت نسبة المساهمة 1,4% و0,78% على التوالي.[2]

وحتى تتحقق إمكانات المملكة بوصول مساهمة القطاع إلى نحو 0,1% في المتوسط، يجب أن تتضاعف استثمارات رأس المال الجريء في المملكة عشر أضعاف لتصل إلى 500 مليون دولار أمريكي سنويًا.

Picture2.png

يمكن أن تصل استثمارات رأس المال الجريء في المملكة إلى 500 مليون دولار أمريكي بحلول العام 2025

تعتمد توقعات وصول الاستثمارات السنوية إلى 500 مليون دولار أمريكي بحلول العام 2025 على النمو الأخير الذي شهدته تلك الاستثمارات في المملكة ومعدل النمو المسجل في الدول المشمولة في المقارنة.

نمت استثمارات رأس المال الجريء بمعدل 90% سنويًا منذ العام 2015 حتى العام 2018، وقد استمر هذا الاتجاه التصاعدي في النصف الأول من العام 2019، حيث وصل معدل النمو إلى 82% [3] مقارنة بنصف العام السابق. ونتوقع أن يتباطأ معدل النمو كلما ارتفعت القيمة المطلقة لرأس المال المستثمر، لذلك نفترض أن يصل معدل النمو السنوي المركب إلى 40% بين العامين 2018 و2025، مما يعني انخفاض معدل النمو السنوي من 90% في العام 2018 إلى 15% بحلول العام 2025. ومن شأن تحقيق هذا النمو أن يؤدي إلى استثمارات تراكمية تصل إلى ملياري دولار أمريكي خلال تلك الفترة.

Picture3.png

ونحن نعتقد أن تلك التوقعات منطقية، بالنظر إلى العديد من التغييرات الإيجابية في السياسات والحوافز التي تدفع عجلة النمو في سوق رأس المال الجريء في المملكة العربية السعودية حاليًا. علاوةً على ذلك، أثبت قطاع رأس المال الجريء بالفعل قدرته على تحقيق معدلات نمو عالية على مدار فترة زمنية طويلة في الاقتصادات الأخرى، سواءً كانت ناشئة أو أكثر نضجًا. وتؤكد النتائج المستخلصة من تحليلاتنا إمكانية تجاوز معدل النمو السنوي المتوقع في المملكة، وهو 40%. ويوضح الشكل التالي أن تلك التوجهات ليست غريبة، خاصةً في الأسواق سريعة النمو.

Picture4.png

كان من الممكن أن يصبح حجم استثمارات رأس المال الجريء في المملكة أكبر مما هو عليه حاليًا 6 مرات

تمتلك المملكة العربية السعودية فرصة كبيرة لتعزيز نشاط استثمارات رأس المال الجريء لديها. ففي العام 2018، لم تستحوذ المملكة سوى على 9% من استثمارات رأس المال الجريء في المنطقة، رغم أن اقتصادها يمثل 35% من إجمالي الناتج المحلي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولو كانت استثمارات رأس المال الجريء في المملكة تتوافق مع إجمالي الناتج المحلي النسبي لها، لوصل حجم تلك الاستثمارات إلى 235 مليون دولار أمريكي، أو أكثر بست أضعاف من حجم الاستثمارات في العام 2018، الذي بلغ 50 مليون دولار أمريكي.

Picture5.png

استحوذت الإمارات العربية المتحدة على ما يقرب من 70% من استثمارات رأس المال الجريء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال مدة الدراسة، وربما كان ذلك مفهومًا، حيث حرصت دولة الإمارات على تيسير الوصول إلى الكفاءات بصفة دائمة، كما عملت على تعزيز نشاط المنظومة من خلال اللوائح التنظيمية المواتية وبيئة العمل الملائمة للشركات الناشئة، مما يحفز رواد الأعمال على اختيار إطلاق أعمالهم في الدولة.

رغم ذلك، وبالنظر إلى ثقلها الاقتصادي والقوة الشرائية لسكانها وتغيّر بيئة ريادة الأعمال، تمضي المملكة العربية السعودية في طريقها لتصبح أكبر سوق للمشاريع الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهو سوق من شأنه أن يمكِّن الشركات من التوسع بدرجة هائلة. وبينما تواصل المملكة تحقيق الفوائد الاقتصادية للإصلاحات الواردة في رؤية 2030، نتوقع أن تنجذب المزيد من الشركات نحو المملكة، كما حدث مع شركة أمازون وشركة كامبلي (Cambly) الناشئة في سان فرانسيسكو، وهي منصة لتعلّم اللغة الإنجليزية. ولا شك أن هذا النشاط سيدعم نمو استثمارات رأس المال الجريء في المملكة.

سيتحول تركيز رؤوس الأموال على الاستثمارات في المراحل المتأخرة من المشاريع

مع تطور قطاع رأس المال الجريء، سيتأهل عدد أكبر من المشاريع للاستفادة من الاستثمارات اللاحقة، وبالتالي، سيستعيد القطاع توازنه الطبيعي للتركيز على الاستثمارات في المراحل اللاحقة، وبذلك يصبح أكثر تماشيًا مع الأسواق الناضجة.

Picture6.png

نتوقع أن تنخفض نسبة الاستثمارات في المرحلة المبكرة إلى الاستثمارات في المرحلة المتأخرة من 25% في العام 2018 إلى 15% في العام 2025. ومن شأن هذا المسار أن يؤدي إلى إعادة استثمار 350 مليون دولار أمريكي في المشاريع ذات المراحل المبكرة مقارنةً باستثمار 1,6 مليار دولار أمريكي في المراحل المتأخرة خلال الفترة من 2019 إلى 2025.

توفر المنظومة الناضجة الظروف المواتية لتحقق توقعاتنا

كان النمو الذي شهدته استثمارات رأس المال الجريء في المملكة خلال السنوات الثلاث الماضية مدفوعًا بعدد من القوى. كذلك، تشهد العديد من القطاعات، مثل الزراعة والنقل والخدمات اللوجستية والرعاية الصحية، تحولات كبيرة بسبب الشركات الناشئة المحلية والإقليمية، كما أصبحت العديد من القطاعات الأخرى مهيأة للتحول.

شهدنا تطورًا إيجابيًا كبيرًا في المحاور الأساسية الستة التي تحدد مدى قدرة قطاع رأس المال الجريء على الازدهار. وتلخص هذه المحاور، أو ركائز النمو، أسباب ثقتنا في تحسن ونمو هذا القطاع والمنظومة التقنية في المملكة.

Picture7.png

1. الطلب الكبير على التقنيات من الأفراد والشركات والجهات الحكومية

كان الطلب على الحلول التقنية الذكية من المستهلكين السعوديين لتلبية احتياجات أنماط الحياة من المحركات الأساسية لتطوير منتجات وخدمات جديدة. ومن ثمّ، ليس بمستغرب رؤية انجذاب السعوديين الشديد للحلول التقنية واتصالهم بالإنترنت، كما أنه ليس بمستغرب أن تأتي المملكة في الطليعة في مؤشرات انتشار الهواتف الذكية ومشاهدة الفيديوهات على موقع يوتيوب واستخدام سناب شات. ويعتبر السعوديون اليوم من المساهمين الفاعلين في الاقتصاد الرقمي، وذلك بسبب النمو الذي شهدته المنظومة ككل.

وهناك دلالات كثيرة على هذا التحول السلوكي، كما يُعتبر تطور دور المستهلكين السعوديين في الاقتصاد الرقمي مذهلاً. ويشير تقرير "التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، الذي أعدته شركة "بين آند كومباني" [4]إلى أن متوسط حجم سلة المشتريات الإلكترونية اليوم في المملكة العربية السعودية يصل إلى نحو 150 دولار أمريكي، وهو مستوى مشابه للأسواق الناضجة مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كما أنه أعلى من متوسط الحجم في الصين، والذي يبلغ 100 دولار. ويؤكد استحواذ شركة "أمازون" على شركة "سوق.كوم" وسعيها مؤخرًا إلى زيادة عدد الموظفين على الفرصة التي تراها هذه الشركة العملاقة في قطاع التجارة الإلكترونية في المملكة.

كذلك، يحقق السعوديون حاليًا عائدات من القنوات الإلكترونية، سواءً عبر الرياضة الإلكترونية أو منصات مثل يوتيوب. ويوفر اقتصاد العمل الحر مصادر جديدة للدخل لسكان المملكة، ومن الأمثلة على ذلك تطبيقات مثل "أوبر" و"كريم" لمشاركة المركبات وتطبيق "مرسول" لتوصيل الطلبات.

علاوةً على ذلك، تحتضن الشركات والجهات الحكومية على مستوى المملكة الشركات الناشئة أيضًا، ويتضح ذلك من تعاون المؤسسات الكبرى والجهات الحكومية مع الشركات التقنية الناشئة والعمل على دمجها ضمن أعمالها. ومن الأمثلة على ذلك، الشراكات بين الشركات الناشئة مثل "يونيفونيك"، منصة الاتصالات السحابية، و"لوسيديا"، المتخصصة في تحليل المشاركات على وسائل التواصل الاجتماعي، مع المؤسسات السعودية الكبرى والجهات الحكومية. نتيجة لذلك، تزيد الثقة في تلك الشركات وفي الشركات الناشئة الأخرى.

Picture8.png

2. تعزز قصص النجاح من التفاؤل التقني بين الكفاءات والمستثمرين

أثبتت الشركات الناشئة، مثل "نون أكاديمي"، قدرة الشركات السعودية على التوسع إلى باقي أنحاء المنطقة، وليس العكس فقط. فعلى سبيل المثال، تمكنت شركة "يونيفونيك" من تيسير الاتصالات السحابية وتستعين بخدماتها الشركات الدولية، مثل أرامكس وأوبر، والمؤسسات الإقليمية، مثل بنك البلاد والمستشفى السعودي الألماني.

وهناك صور أخرى للنجاح، فقد أثبتت عمليات التخارج، مثل شركة سوق.كوم (التي استحوذت عليها شركة أمازون مقابل 580 مليون دولار أمريكي) وشركة كريم (التي استحوذت عليها شركة أوبر مقابل 3,1 مليار دولار أمريكي) وشركة كاريدج (التي استحوذت عليها شركة دليفري هيرو مقابل 100 مليون دولار أمريكي) وشركة طلبات (التي استحوذت عليها شركة روكيت إنترنت مقابل 170 مليون دولار أمريكي)، جدوى استثمارات رأس المال الجريء في المنطقة.

Picture9.png

وربما كان أبلغ تعبير عن هذا الوضع هو ما قاله مارك آندريسن، مؤسس شركة آندربسنهورويتز، حين قال "تسيطر البرمجيات أخيرًا على العالم"، وهو أمر يتكرر حاليًا في المملكة. ومع استمرار نمو هذا الزخم، نتوقع انطلاق عدد كبير من الشركات الناشئة التي يمكنها النمو وجذب المستثمرين إليها في المراحل المتأخرة، مما يعزز من التوقعات بشأن استثمارات رأس المال الجريء في المملكة على المدى المتوسط والبعيد.

3. تسهم البنية التحتية التقنية في تمكين المزيد من الشركات الناشئة

أسهم بزوغ منصات جديدة للبنية التحتية في تمكين فئة جديدة من رواد الأعمال. وبفضل الحلول المبسطة لمنافذ البيع بالتجزئة، من قبيل موقع واجهات المتاجر الإلكترونية (سلة) وشركة تقديم الخدمات اللوجستية (سلاسة)، يمكن لأي شخص أن يطلق الآن شركة للتجارة الإلكترونية في غضون أيام. فموقع سلة، على سبيل المثال، يضم فعلياً 8000 متجر إلكتروني. وتمشياً مع الاتجاهات الرقمية الجديدة في جميع أنحاء العالم، ومنها شوبيفاي، لا يمثل ذلك سوى بداية لمشاركة السعوديين في الاقتصاد الرقمي.

وتظل حلول الدفع حلقة مهمة من حلقات سلسلة القيمة المذكورة بداية من "إس تي سي باي" وصولاً إلى "باي تاب" و"هايبر باي"، حيث يشهد هذا القطاع الكثير من التطورات. ومع ذلك، فإننا نتمنى أن نرى رائداً إقليمياً يستطيع أن يفسح المزيد من المجال للاقتصاد الرقمي في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

4. تشهد استثمارات رأس المال الجريء وحاضنات الأعمال نمواً سريعاً في المملكة العربية السعودية

ظلت أنظار المستثمرين خلال السنوات الأخيرة تتجه باطراد إلى التركيبة السكانية في المملكة العربية السعودية التي يغلب عليها الشباب سعياً إلى خلق القيمة؛ الأمر الذي أدى بالمزيد من رؤوس الأموال الجريئة إلى شق طريقها داخل المملكة.

وتعد شركة فينشر كابيتال الاستثمارية السعودية واحدة من تلك الشركات التي تعمل بنشاط على تمكين هذه المنظومة من خلال استثماراتها المشتركة المباشرة مع المستثمرين الرعاة وشركات الاستثمار في رأس المال الجريء والمستثمرين المحنكين ومن خلال الاستثمار في صناديق الاستثمار في رأس المال الجريء عملاً على تحفيز الاستثمارات في هذا النوع من رؤوس الأموال وإزالة العوائق التي تقف أمام مديري الصناديق الذين يتطلعون إلى دخول سوق الاستثمار في رأس المال الجريء. وتشهد شركة "STV" المزيد من المبادرات والسياسات التي تسهم في دفع هذا النمو بشكل أكبر.

Picture10.png

5. أسهمت الأنظمة المواتية كثيراً في تحسين تيسير ممارسة الأعمال

قطعت الحكومة السعودية خطوات كبيرة على طريق إطلاق العنان لإمكانات المنظومة الرقمية وريادة الأعمال في البلاد. وسوف تسهم السياسات التي تم تمريرها في الآونة الأخيرة، من قبيل برنامج الإقامة الدائمة وإجازات امتلاك الوافدين للعقارات، في تشجيع رواد الأعمال على اختيار المملكة كقاعدة لمشاريعهم الناشئة. فبفضل هذه السياسات، يمكن لرواد الأعمال الأجانب الآن التقدم بطلب للحصول على تصاريح إقامة لأنفسهم ولعائلاتهم، وتملك العقارات، وتملك الشركات بنسبة 100% في قطاعات مثل التعليم والرعاية الصحية؛ كما إن معظم المشاريع التقنية القائمة في المنطقة، إن لم تكن جميعها، تستهدف سوق المملكة العربية السعودية، ولقد بدأ العديد منها فعلياً في زيادة عملياتها وأنشطتها في المملكة. وعليه، فإن السماح لتلك المشاريع ببدء أعمالها وإدارتها إدارة كاملة من المملكة العربية السعودية سيكون نقطة تحول حقيقية للمنظومة بالكامل.

يعمل نظام الإفلاس والرهن التجاري الجديدين في المملكة على سد ثغرات هامة في البنية التحتية القانونية. كما ستعمل مبادرة الاستثمار الجريء التي أطلقتها الهيئة العامة للاستثمار تحت مظلة استثمر في السعودية على اجتذاب أعداد أكبر من شركات رأس المال الجريء إلى المملكة، مما سيمكن نشاط ريادة الأعمال من الازدهار. وتعد هذه الخطوة خطوة كبيرة على طريقة المنظومة وقناة هامة تعمل على ضخ المعرفة والخبرة القيمة التي تمتلكها الشركات العالمية المتخصصة في الاستثمار في رأس المال الجريء إلى رواد الأعمال المحليين. وعلاوة على ذلك، فلقد أطلقت الهيئة العامة للاستثمار رخصة رواد الأعمال في العام الماضي للسماح لرواد الأعمال الأجانب بإنشاء وتوسعة شركات ناشئة في المملكة عبر مساحات العمل المشترك ومسرعات الأعمال.

تعمل مبادرة "فنتك السعودية" على تسريع عملية تطوير قطاع الخدمات المالية من خلال مبادرة مختبر التقنية المالية، أو ما يعرف باسم "ساند بوكس"، ومشاركة الأطر والأنظمة بالإضافة إلى إتاحة العديد من الخيارات أمام الشركات الكبرى الدولية التي تحرص على الوصول إلى المستهلك السعودي. ويمكن لذلك أن يفتح المجال أمام إمكانيات قطاع التقنية المالية ولغيره العديد من القطاعات الأخرى التي تعتمد على المدفوعات والحلول المالية.

ونرى أيضاً توافر إمكانات أكبر في دول مجلس التعاون الخليجي؛ وذلك لأن التغييرات التنظيمية التي يمكنها أن تعزز المعاملات والعمليات السلسلة العابرة للحدود ستعمل على تعميق أوجه التآزر القائمة والسماح للشركات الكبرى المحلية بالانتقال إلى المستوى الإقليمي، مما سيعزز من مدى الاستفادة من الموارد وتجمعات القيمة في دول مجلس التعاون الخليجي.

ولكن هناك مجال يتسع لإدخال المزيد من التحسينات.

فالوقت اللازم لإنجاز جولة تمويلية واحدة يمكن تقليصه إذا درست المملكة العربية السعودية فكرة تنفيذ منطقة حرة مالية الخاصة بها، على غرار سوق أبوظبي العالمي أو مركز دبي المالي العالمي. وهذه الخطوة ستعني أن المملكة العربية السعودية لن تخسر أعمالها لصالح دول أخرى. وعلاوة على ذلك، فإننا نرى مجالاً يتسع لإدخال بعض التحسينات في المتطلبات الرأسمالية حيث إن الشركات الناشئة يعوقها حالياً الحد الأدنى الكبير لمتطلبات أسهم رأس المال.

وهناك أيضاً مجال لتعزيز البنية التحتية القانونية اكثر، حيث لا يمكن إنفاذ السندات القابلة للتحويل والاتفاقيات البسيطة لتملك حصص في المستقبل في المملكة العربية السعودية؛ في حين إن هذه الأدوات تمثل الأساس لمعظم الشركات الناشئة وفي المراحل المبكرة لها وهي مهمة جداً لمصلحة المشاريع الجديدة. كما أن النظام السعودي لا ينص على برامج تمليك أسهم شركات للموظفين فيها. وتمثل برامج تمليك أسهم شركات للموظفين فيها ميزة من مزايا الشركات الناشئة حول العالم كما أنها تعتبر وسيلة أساسية للشركات التقنية لاجتذاب مواهب جديدة. وأخيراً، ستستفيد المملكة العربية السعودية أيضاً من استحداث حقوق المساهمين المفضلة؛ حيث تضم الغالبية العظمى من عمليات تمويل رأس المال الجريء مجموعة قياسية من حقوق المساهمين المفضلة، بما يشمل تفضيلات التصفية وحقوق المساهمين ضد تخفيض قيمة الأسهم، والتي لا تنطبق فيما يتعلق بأي جهة سعودية.

إدخال هذه تعديلات الى نظام الشركات السعودي سيعمل نحو ضمان توافر هذه الهياكل القياسية لرأس المال الجريء وقابليتها للتنفيذ في المملكة.

6. تعاني المملكة من نقص في المواهب - ولكن يمكن حل هذه المعضلة قريباً

يعتمد النمو المستمر لمنظومة الشركات الناشئة على النشاط المستمر لريادة الأعمال. وإلى جانب التدابير الرامية إلى حشد الاهتمام بالشركات الناشئة، يظل إيجاد وخلق مجموعة من المواهب بمثابة عامل التمكين الرئيسي لمنظومة نابضة بالحياة وسريعة النمو. فإن الطلب على المواهب غير قاصر على السعوديين، حيث إن الفجوة بين عرض المواهب والطلب عليها من قبل الشركات التقنية المحلية والعالمية تتسع بمعدلات سريعة.

ولكن هناك مؤشرات على وجود ضوء في نهاية النفق المظلم.

ومع تقادم المهارات بوتيرة أسرع من ذي قبل، بدأت صناعة التكنولوجيا في الاعتماد بصورة متزايدة على المواهب التي تتحلى بروح ريادة الأعمال بدلاً من الاعتماد بالكامل على المتخصصين المتمرسين. وتوصلت دراسة نشرتها ديلويت إلى أن الشباب السعودي لديه حماس أكبر نحو ريادة الأعمال التقنية مقارنة بأقرانهم على الصعيد الدولي. ويثبت بحث أجرته شركة "STV" أن هذا الأمر ينطبق أيضاً إذا ما نزلنا إلى أرض الواقع. فلقد التقينا بمئات من رواد الأعمال السعوديين الذين أظهروا الإرادة والالتزام لحل بعض المشاكل الأكثر إلحاحاً التي تواجه المملكة والمنطقة ككل من خلال الاستفادة من الإمكانات والقدرات التي تتمتع بها التكنولوجيا. ويمكن لقصص النجاح هذه، مقترنة ببرامج التوجيه وإشراك الشباب، أن تسهم في توفير الإلهام والتحفيز اللازمين للشباب السعودي لدخول عالم الشركات الناشئة.

يعتمد قطاع التقنية كذلك على رافد مستمر من أصحاب الكفاءات من المهندسين، ومديري المنتجات، ومطوري الأعمال، ومندوبي المبيعات. ويقدم الإنترنت وسائل متعددة تتيح للجميع اكتساب المهارات التقنية والمهارات الشخصية من خلال مجموعة من البرامج التي تتنوع بين برامج التعليم الذاتي أو التعليم تحت إشراف معلم وبرامج مجانية وأخرى مدفوعة، وبرامج منتجة محلياً وأخرى منتجة عالمياً وجميعها يمكنها أن تساعد أي فرد على بناء مجموعة المهارات المطلوب لتأسيس مشروعات رقمية في ظرف ستة شهور.

وقد وضعت عدة تدابير لعلاج النقص في الموارد البشرية وهي العقبة الأساسية التي تقف أمام تطوير المشروعات التقنية. وحتى الآن قامت الحكومة بدور محوري في تطوير التعليم من خلال استثمارها نسبة 25% من إجمالي الإنفاق على التعلم والتطوير مع إيلاء اهتمام خاص بالتكامل التقني، والذكاء الاصطناعي، ومجموعات المهارات الرقمية في المناهج الجامعية. لكن هناك دور على المستثمرين وشركات التقنية التي تشهد نمواً متسارعاً القيام به في تطوير الكفاءات المحلية لخدمة قطاع الشركات الناشئة السعودي للوصول به إلى أعلى مستوى ممكن والحفاظ على هذه القيمة لصالح الأجيال القادمة.

[1] لطالما كان من الصعب الحصول على بيانات دقيقة في القطاع، لكن الأرقام الواردة تقدم صورة شاملة بشأن نشاط استثمارات رأس المال الجريء. ومن ثمّ، تستخدم "إس تي في" تلك البيانات في تحليل النشاط في السوق؛ ولا يهدف هذا التقرير إلى تقديم إحصائيات دقيقة بشأن حجم الاستثمارات.

[2] لأغراض هذا التقرير، تستخدم "إس تي في" كلمة "حيوي" للإشارة إلى استثمارات رأس المال الجريء المجمعة التي تصل إلى 0.25% من إجمالي الناتج المحلي، في حين تشير كلمة "رائدة" إلى الاستثمارات التي تتراوح بين 0.25% و0.75% من إجمالي الناتج المحلي. وعندما تتجاوز تلك الاستثمارات 0.75% من إجمالي الناتج المحلي، يشار إليها بأن لها تأثير تحولي

[3] وفقًا لبيانات شركة ماغنيت.

[4] [ تقرير شركة "بين آندكومباني" بعنوان التجارة الإلكترونية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا]